السبت، 19 ديسمبر 2015

كل يوم قصيدة



أصدرت اليوم دار الباهية للنشر مجموعة شعرية للكاتب الأستراقي: سلام دواي، بعنوان "كل يوم قصيدة"



نقدم هنا نبذة عن هذا الشاعر  بقلم الناقد و الشاعر حميد حسن جعفر



الشاعر الأستراقي


  إذا ما كان الاستراليون يملكون ثقافة مختلفة، ثقافة ينتمي البعض منها إلى السلام والتعايش والمسامحة، ثقافة ممارسة الحريات، فإن مثقفيهم حتما يكتبون وفق ما يستقبلون من مفاصل حياتية تنبع من الرؤية الفلسفية لحياة كائن ينتمي إلى غير الشرق، وحين وصل -سلام دواي -هاربا /مهرولا من الحروب والقمع وصلهم مشرقيا، متدينا -سواء كان ملتزما أو غير ملتزم فالدين أحد الموروثات
الإلزامية -وصلهم عربيا، بدويا، متمدنا، فيه الكثير من المماحكات والعناد، كائن متشكل من العديد من المتناقضات، كائن يمتلك من التنافر والتجاذب ما يكفي قبيلة من الكائنات غير الشرقية وليحدث التداخل بين هذه المفاصل الأولى وفق الإحداثيات التالية، التي يحملها سلام دواي ، كما حمل سيزيف صخرته، ولتتم على يد الشاعر أو سواه إعادة لملمة الشظايا والكسر من غير الإساءة للقيم والمبادئ الجميلة ، ولتتم إعادة تشكيل القصيدة أو الثقافة أو المعرفة التي يحملها الجنوبي، الشرقي، الشاعر، وبعيدا كذلك عن تدمير الانتماءات السابقة، إذ لا وجود -كما أتصور -لعملية شطب أو اغتيال -ما من عملية اغتصاب أو متغيرات وراثية، إذ أن الثقافة لا تعني إلغاء ليقابله إلغاء آخر، وليتشكل الشاعر ثقافيا ومعرفيا، ولتتم عملية الإنتاج الشعري المختلفة،وإذا ما حدثت خسارة أو نوع من الخسارات للشاعر العراقي عبر احتساب وحسابات (الجهات الثقافية )على أن الشاعر العراقي هو شاعر أسترالي، فهذا الاحتساب من الممكن أن يتحول إلى انتصار لم الفعل الكوني الذي ينتمي له الشاعر.

  وإذا ما تمكنت أنا كقارئ أن أضع يدي على شاعر عراقي متميز بالولادة والانتماءالجغرافي،فقد  تمكن من بعدي -الاستراليون -أن يضعوا أيديهم على شاعر استرالي بالتبني /التجنيس، أو من الممكن أن نطلق على سلام دواي وفق هكذا اختيارات لقب الشاعر (الأستراقي ).
    الشاعر سلام دواي رجل /شاعر شرقي مأخوذ بالغيبيات /البحث عن المجاهيل، الشرق المتدين بكل تفاصيله يعود إلى المتخيل الغيبي إلى شيء من الفعل الديني --حيث القوة التي ما بعدها قوة --حيث يجب على الإنسان --الفرد والجماعة --أن يتحول إلى لاواقع، على الرغم من الفكر الديني لا يشتغل إلا على إللاواقع.
   الشعر حاله حال منتجات الأديان الأرضية (الشعر كان وما زال على خلاف مع الأديان السماوية )الشعر كائن لا واقعي يعمل على تدمير الواقع و إقناع القارئ على ضرورة صناعة الاختلاف.
********
  الإنسان الشرقي غير مستعد للكشف عن خصوصياته، ولكن له الكثير من الاستعدادات للاطلاع على ما يضمر الآخر، وإذا لم يحصل على هكذا حالة اطلاع، يقوم هو بصناعة ما يريد الوصول إليه، اطلاعات تعتمد على ما يمتلك من قدرات تنتمي إلى التفسير أو الشرح أو التحليل أو التأويل أو القصدية من أجل صناعة اللاواقع المخبوء.
) سلام دواي) يعتمد التعددية --وهذا المفصل غير بعيد أو غريب على صناعة النص الشعري ولكنه وبنفس الوقت بحاجة إلى فعل هندسي لا يتوفر للجميع --.
 

 إنها تعددية الاستقطابات، حيث تعدد الشخصيات والمواضيع والاهتمامات، بل إن الأزمنة تكاد 
  إن بقاء الاتجاه ثابتا باتجاهك هلا تعني ثبات القصيدة /الحياة، جماليات الحياة بكل تفاصيلها وفرت للقصيدة وللشاعر الكثير من تجاوز ما ينتمي إلى الخصومات.
-سلام دواي --يمتلك حراكا فرديا رغم انتمائه للجماعة، خطاب الفرد /الانا هو الذي يقود حركة الكتابة، الأنا التي تخلت عن الأنانية /عن الرغبة في تدمير الآخر، لا لضعف في في شخصيته بل في سمو الموقف من الآخر، حتى وإن كان خصما ،البطولة /الشعرية ليس في تدمير الآخر ،بل في صناعة الآخر الشبيه /الآخر الإنسان .


    تشكل السيرة -قد لا تمثل حالة شخصية -أكثر من وسيلة للوصول إلى واقع ، وإن كان -ضبابيا -،الشاعر لا يريد أن يعلن عن جميع ما يريد قوله، (هل من الجائز أن يطلق الصياد أو أن يفرغ جميع رصاصاته باتجاه الطريدة، أم يحاول أن يحتفظ بالبعض منها للحفاظ على حياته أولا، أو لإنتاج حالة صيد أخرى ثانيا، الشاعر كثيرا ما تتلبسه حالة الصيد --مع الفارق --وإن لكن لا يستخدم أسلحة قاتلة، فليس من قصدياته إلغاء الحياة --بل إن جميع أسلحته لإنتاج الحياة  وإذا ما كان الصياد يمتلك بندقية، فإن الشاعر يمتلك مخيلة --حالة ذهنية فائقة الاحتمالات --.

   القارئ من الممكن أن يكون بلا حول وبل قوة ضمن الفعل القراءاتي لكتابات الشاعر، حيث يكون منقادا إلى سيرة الآخر، من أجل صناعة الاكتشاف.
تتداخل حتى نحسب أن الكل ينتمي إلى الجزء /القسم حيث تفقد الأزمنة انتماءاتها، وأن الاتجاهات التي لا تعد تكاد تنتمي إلى اتجاه واحد ،هذا الاتجاه الذي ما هو إلا قوة الإنسان ذاته و قدرته على إدارة مواقفه، فالاتجاه ثابت إلا أن حركة الفرد هي التي تنتج التعددية، هكذا يتحرك الفعل الشعري لدى --سلام دواي --القارئ هو المنتج الثاني الأكثر قدرة على إضافة أكثر من قصيدة وأكثر من قراءة، البوصلة تتحرك ومعها يغير المؤشر اتجاهاته، على الرغم من الثوابت التي تنتجها صناعة الإشارة.
 --سلام دواي --شاعر /كائن هكذا توفر القصيدة صورة شخصية للشاعر --انسان ينتمي إلى تجاوز الأخطاء .


2 التعليقات:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أصدقائي الأعزاء اتمنى لكم النجاح الدائم.
كيف يتسنى لنا النشر في مجلتكم الغراء، فيما يخص الشعر ؟
لكم جزيل الشكر
الشاعر ..زياد كامل

شكر لك الاستاذ زياد كامل على الاهتمام.
تعليقك هذا جعلنا نغير مكان "استمارة المشروع" في واجهة المدونة حتى يتسنى للكتاب رؤيته. يمكنك رؤية ذلك في الأعلى على اليسار.
قم بتسجيل بريدك وستصلك استمارة الدار بها كل التفاصيل ومن ثم يُعرض مشروعك على لجنة خاصة.
تقبل اعتذاراتنا و تحياتنا الخالصة.

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More